السلعة

وليد المعلم: كيف تفاعل سوريون مع وفاة وزير الخارجية؟

 



لطالما احتل وزير الخارجية السوري ونائب رئيس مجلس الوزراء، وليد المعلم، حيزا من نقاشات رواد مواقع التواصل على مدى عمر الصراع في سوريا. لذا، لم يمر خبر وفاته دون نقاش، إذ تصدر اسمه قوائم المواضيع الأكثر انتشارا.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية، سانا، وفاة المعلم فجر الإثنين عن عمر ناهز 79 عاما، قضى عقودا منها في السلك الدبلوماسي.

ولم ترد تفاصيل حول سبب وفاة المعلم، الذي عانى من مشاكل في القلب في السنوات الأخيرة.

وكان آخر ظهور علني له في افتتاح مؤتمر عودة اللاجئين 2020 الذي نظمته دمشق بدعم روسي.


وفي بيان انتشر على فيسبوك، نعت رئاسة مجلس الوزراء السوري المعلم بوصفه بـ"الدبلوماسي العريق" ذي "المواقف الوطنية المشرفة".

فأنصار النظام السوري ينظرون للمعلم على أنه "سياسي محنك" و"رجل وفيٌّ قاوم التدخلات الخارجية".

في المقابل، يصف معارضوه بـ"رجل الأسد وببوق النظام لسعيه المستمر للدفاع عنه مقابل تشويه الثورة وقمع نشطائها".



 


 


وطالما قلل المعلم من شأن ما شهدته سوريا، معتبرا أن ما يحدث نتاج "مؤامرات خارجية". ورفض المعلم التدخلات الأمريكية إلا أنه كان داعما للتحالف مع إيران وروسيا، الذي ينقسم السوريون حوله.

فمنهم من يعتقد أن ذلك التحالف "أنقذ دولتهم من الإرهاب" ومنهم من يرى فيه وجها آخر لـ "الاحتلال والتبعية" و"سببا في تأجيج التوتر الطائفي في بلد لطالما عرف بروح التعايش" على حد قولهم.

وقد كشف موت المعلم حالة الاستقطاب التي باتت تحكم علاقة السوريين ببعضهم البعض.

فلم يخف العديد من السورين، الذين "تحولوا إلى لاجئين"، سعادتهم بوفاة الوزير، الذي يتهمونه بـ"المشاركة في قتل السوريين وتشريدهم عبر تبرير سياسات النظام وجرائمه بأنها تجفيف لمنابع الإرهاب" وفق تعبيرهم.

في حين استنكر مغردون لجوء البعض إلى ما سموها بـ"عادة اللعن واستعمال ألفاظ مشبعة بالتطرف والغلو" لدى التعليق على خبر وفاة الوزير السوري.

ورد آخرون بالقول إن "الضحية لا تلام على طريقة تفكيرها، وبما تستعمله من ألفاظ، بل النظام هو من يلام على تراجع المجتمع ثقافيا وانقسامه".

بينما دعا فريق آخر من السوريين إلى احترام حرمة الموت، وعدم الانجرار وراء ثقافة التشفي.

من سيخلف المعلم؟

من جهة أخرى، تساءل بعض المعلقين عن التأثيرات المحتملة لغياب المعلم عن المشهد السياسي، وعن الشخص الذي سيخلفه في المنصب.

قال مصدر مقرب من الحكومة السورية لوكالة رويترز إن من المتوقع أن يخلف المعلم في المنصب نائبه فيصل المقداد، في حين رجح آخرون أن يذهب المنصب لبشار الجعفري مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة.

وبوفاة وليد المعلم ستشهد سوريا تحت حكم الأسد رابع تغيير في منصب وزير الخارجية. لم يشغل المنصب قبل المعلم سوى شخصين، هما فاروق الشرع الذي غاب عن الأضواء منذ 2011 وقبله عبد الحليم خدام الذي انشق عن حزب البعث إثر انتقاده سياسة بلاده الخارجية في لبنان ليلجأ في 2005 إلى فرنسا، حيث توفي.

كل تلك المعطيات تعطي فكرة، بحسب البعض، عن "المقاربة التي اتبعها نظام الأسد، الأب والابن، في إدارة سياساته الخارجية وفي اختيار المقربين منه".

 


ولا ينكر محللون عرب، بمختلف توجهاتهم السياسية، الدور "الهام للمعلم في معاضدة الحكومة التي كانت تلجأ إلى المناورةوتبحث عن التوازن في خطابها للدول الغربية" وفق قولهم.

كما يرى بعضهم أن "تراكم خبرات المعلم وشخصيته الهادئة ساعدت النظام على تجاوز منعطفات مصيرية، مقارنة بالمعارضة التي ركزت على التعبئة الإنسانية العاجزة عن إحداث تأثير حقيقي" حسب قولهم.

من جهة أخرى، طغت السخرية على تعليقات فريق آخر من السوريين.

إذ يقول هؤلاء إن المعلم لم يكن له حضور قوي مقارنة بغيره من المسؤولين السابقين أمثال فاروق الشرع أو غيره من المسؤولين الذي برزوا بعد2011 .

كما سخروا من التصريحات التي رددها المعلم، قائلين إن الخمول والتعب كانا طاغيان على حضوره.


 


نبذة عن وليد المعلم

  • استطاع المعلم، الذي يوصف بـ "واجهة الأسد"، الاحتفاظ بمنصبه رغم تغير الحكومات والوزراء.
  • ولد المعلم عام 1941 وتلقى تعليمه في المدارس الحكومية السورية قبل حصوله على شهادة الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1963 والتحق بعدها بوزارة الخارجية السورية.
  • واستلم منصب وزير الخارجية في عام 2006 وكان سفيرا لبلاده في الولايات المتحدة وشارك في مفاوضات مع إسرائيل في التسعينيات بشأن اتفاق سلام لكنها باءت بالفشل، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
  • ففي عام 2012، عُين نائبا لرئيس مجلس الوزراء السوري إلى جانب منصبه كوزير للخارجية.
  • وفي 31 آب/أغسطس 2011، طالت العقوبات الأمريكية المعلم الذي أكد مرارا أن بشار الأسد "باق في منصبه" طالما الشعب يريده.
  • ووصفه مسؤول أمريكي آنذاك بأنه "صلة الوصل بين دمشق وطهران".
  • وفي آخر تصريح له هاجم الدبلوماسي الراحل قانون قيصر الذي فرض أشد العقوبات الأمريكية على دمشق حتى اليوم.

واشتهر المعلم بخطاباته الطويلة وتعليقاته الساخرة. ولا يزال السوريون يستذكرونها لليوم ويتداولنها في قالب فيديوهات كاريكاتورية. ولعل أشهرها، مقولة "سننسى أوروبا على الخريطة" التي رددها تعليقا على العقوبات الأولى التي فرضها الاتحاد الأوروبي على أبرز مسؤولي الحكومة السورية.

وقد أثارت تلك المقولة جدلا كبيرا وقتها بين "محتف ومتهكم يرى في دليلا على تخبط النظام وإفلاسه السياسي". 

Tag Line

وسائل الدفع المتاحة